تبدو للوهلة الاولى قلوبهم صافية تماما
كالأطفال ، لكنهم انتحلوا هذا الصفاء وخبأوا
ورائه ايدي لا تعرف الا البطش ، والسن لا تجيد الا النميمة ، وضمائر لا تعرف الا الظلم ، ظلما لا ينافسه أي
اضطهاد .
هي الطيبة التي يدعونها ، يمتلكونها لكنها ليست حقيقية ، هي نتاج انفصام ما في
شخصيتهم ، انفصام يجعلهم يبدون كالأطفال ، لكن في افكارهم ومشاعرهم تختبئ وحشية
كبيرة .
في عقلهم مزروعة خيانة كبيرة ، لا فكرة
تتوافق مع الاخرى ، يتوافقون على مرأى الشاهدة (مشاعرهم) لكنها حين تبتعد قليلا
تشتعل في رؤوسهم حرب من الخيانة الفكرية .
خيانة فكرية حملها الجد ونقلها بدوره للاب
المستسلم لطاعة عمياء ، اما الحفيد فيقف
اليوم ثائرا ، متسائلا : اين الحقيقة؟ اين البراءة في مساحة غير بريئة ؟؟!
ماذا سيفعل الحفيد ؟ أي درب سيسير ؟ اية
خيانة ، براءة ومتاهة سيعتنق ؟؟
هذا الحفيد يبدو وانه يعجبني ، فعلا يعجبني ،
يتمتم بثقافة داعمة لامكانية التعلم من جديد ، رافضا ان تكون تصرفاته نتاج جينات
وراثية متناقضة لا يطيقها .
هذا الحفيد متأمل ، متفائل ، يؤمن بالتغيير
ويسعى من اجله ، هذا الحفيد يؤممن ان الذكاء هو الارادة لحل مسالة الرياضيات وليس
حلها .
هذا الحفيد يرى نفسه ويُعّرف عليها دون ادنى
تعمق بسلالته الوراثية ، هو دائم الايمان بانه سيعيش وفقا لفكرته ، رغبته حتى لو
خانته جيناته او بيئته الحالية الرابضة على قلبه بوحشية .
هذا الحفيد يقبل بنظريات فرويد (زيجموند
فرويد العالم النفساني الاكثر شهرة والتي ارتكزت تظرياته حول الطفولة وحول فكرة ان
الاعوام الاولى في حياة الانسان هي من
تحدد مصيره) لكنه لا يعيش وفقها ، هذا الحفيد يحب جدا وليام جيمس (العالم النفساني
المؤمن جدا بإرادة الانسان وقدرته على
تغيير نفسه كليا ، هو ننفسه الذي استطاع ان يشفي نفسه من اكتئاب استمر مدة الخمسة اعوام ) .
هذا الحفيد ثائر للتغيير ، هذا الحفيد لا
يريد سوى دفن المستحيل ، لا يريد سوى خنق اولئك القاتلين لأحلام غيرهم ، دفن اولئك
المجرمين بتعقيباتهم المريضة جدا .
هذا الحفيد الذي ادعو له بصلاتي الاستمرار
الدائم بقوة اكبر واكبر..
هذا الحفيد الذي احبه واحبه ، أسأل الله ان
يحفظه ويبعد عنه جهل المتشائمين الذين لا يذكرون سوى ما كان ويعجزون عن التفكير
الايجابي قليلا بما سيكون ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق