هو ينتقل بين الكتاب والكتاب ، يتذوق الفلسفة
، يعيش بدستور ديني ذو طابع منفتح على آراء العالم المتناقضة ، يفكر كيف سيُّفهِم
طفله الصغير تناقضات الحياة السعيدة بحزنها .!!
كيف سيذوت بداخله القيم المثلى ؟ !
من سكرة افكاره يصحو على بكاء طفله ، فياخده من
سريره ويحتضنه مدندنا له بالحان روحه الرقيقة وطموحاته البريئة ،
بالوقت الذي تنشغل فيه زوجته باعداد طعام الغذاء
والحيرة تأخذها يمينا وشمالا متسائلة بينها وبين نفسها عن الطبق الانسب
لعشاء اليوم .
يجهزُ الغذاء ، يصمت هو وتتحدث هي ، ما رأيك بالطعام
حبيبي ؟؟ يجيب بصمت هادئ : لذيذ جدا ، سلمت يداك .
تصمت هي بكل ما تملك من عفوية بريئة، بينما
يصمت هو بأفكاره المبعثرة المتعبة وينطق لسانه متسائلا ؟ : كيف سنربي ابننا في مجتمع متعددة الوانه ؟؟!! كيف سيكبر في
تناقض مريض ؟؟!! كيف برأيكِ سنساعده للحفاظ على هويته / لغته / عاداته ؟
هي
تجيبه مسرعة : كما يربى الجميع سيربى ابننا ، لماذا تُعقد الامور هكذا ؟ تنهي رأيها بسرعة وتسأله
ان كان يريد ان تسكب له المزيد من شوربة الخضروات في طبقة ، الشوربة ذاتها التي تمدح نفسها كثيرا
بقدرتها الممتازة في اعدادها .
يجيبها هو : شبعت ُ كثيرا، شكرا شكرا يا ام طفلي .
يدخل غرفته ويصغي لنفسه فلا قلب ولا روح ينصتا له في هذا البيت ،
تتشابك في رأسه الافكار وتسكن الحيرة في
شرايينه ، لا شيء يُحّركهُ سوى
شاشة التلفاز المطلة منها زوجة
غاضبة من زوجها الذي لم يحضر لها كتاب في التنمية البشرية ، الكتاب الذي ما زال
يُؤجل شراءه منذ شهر مستذرعا ان الراتب بالكاد يكفي طعماهم وشرابهم وبالكاد
يستطيع احضار معدات الشوربة الفاشلة هي بنظره في اعدادها .
أزاح الزوج نظره عن شاشة التلفاز ، وناقش فكرته الاخيرة قبل القيلولة :
أي من الزوجين يا ترى اسعدهُ القدر؟
كتاب تطوير الذات استظرفه ، لكن الشوربة
اللذيذة باتت فرضا اتشتت من دونه ، بدون
الشوربة قد لا افكر بما افكر به الآن ..
لولا طبق الشوربة قد لا اكون ما انا عليه
الآن ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق